كل شيء سيصير على مايرام
كانت تئنّ كثيراً ، والجرحُ لم يلتئم بعد .
غطتهُ بكثيرٍ من الشاش خوفاً عليهِ من ايّ اصابة , ووضعت بعض المواد الطبيّة والمراهم عساه يتحسن في الغد .
هي لم تعد تثقُ بأحد, ولم تعد تتوقع أن يشعر بألمها أحد فقررت أن تعالج جرحها بنفسها .
اذ زارت اطباء كثيرين في الماضي لكنهم أذوها عوضا ًعن مساعدتها و استغلوها فأنفقت كلّ ما لديها من حب و مشاعر عليهم ولم تشفى .
مرت الأيام لكن الاصابة كانت تزداد سوء و الألم يشتد .
ذات يوم وعند المساء تحديداً كانت عاجزة عن الحركة بسبب الوجع الشديد
تحاول الصراخ لكن صوتها يأبى أن يخرج , وتريد أن تبكي لكن دموعها كانت حبيسة أعماقها و كأنها مدفونة لا تودُّ الخروج .
حاولت السير قليلا قرب شط البحر عساها تستنشق نسمة عليلة تنعش قلبها المكسور …………
فرأت عند الشط غرفة صغيرة بسيطة مكتوب على بابها : ( العيادة المجانية )
استغربت من الجملة فهي قد تعلّمت انّه ُ في بلاد البشر لا شي مجاني , فقررت ألا تدخل ولا تتعب نفسها بالسؤال .
الا أن رجلاً طيباً جدا خرج اليها وناداها : ” يا بنة تعالي لأشفيك” …
وكرر الجملة : ” تعالي لأشفيك مجاناً “
وكررها كثيرا وكثيرا ……..
لكنّ عينيه الدافئتين , وصوته الحنون جعلاها تقترب منه وتسقط عند رجليه وتبكي , وتبكي , وتبكي كما النحيب .
أمسك بها بعناية وقال : ” أتريدين ان تشفي ؟ “
فلم ترد .
كررها : ” ثقي بي . أتريدين أن تُشفي ؟ “
فقالت : ” يا سيد أُريد .. نعم أريد … أريد “
فمسح دموها , و ربّتَ على كتفها , وقال : ” اهدأي كل شيءٍ سيصيرُ على ما يرام ” .
ثم فتحَ الجرح المتقرّح لينظفهُ ..
وكانت كلما صرخت أمسكها بعناية , مسح دموعها , ربت على كتفها قائلاً بصوته الدافىء : “كل شيء سيصبح على مايرام “.
و يكمل عملهُ فينظف الجرح من تأثير الذكريات ……..
ومن كل ألم سبب في الأعماق نفايات ……..
من كل موقف ومن كل غدر……. ومن كل كسر بدون عذر ……
وقد احتاج هذا العمل وقتا طويلا وجهدا , واستسلاما كبيرا منها .
وفي نهاية رحلة الشفاء سكب على مكان الجرح طيباً ففاحت رائحتهُ النقيّة .
فأخبرها هذا الرجل الطيب أنها كلما نظرت الى جرحها بعد الآن ستفوح منه رائحة ذكية تجعلها تبتسم فتنسى المشقة كمياه عبرت تذكرها .
وفي الختام كتب على الجرح اسمه :
“الجرّاح يسوع المسيح” . تم الشفاء
(ليال يوسف)